ضيف و حوار

رد المحامي السفير الشيخ ولد باها على “الرد ” في قضية بيع السفارة بالقاهرة

رد المحامي السفير الشيخ ولد باها على “الرد ” المنشور بتاريخ 29 / 02/ 2016م
قال تعالى {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }
البقرة الآية 42 صدق الله العظيم
لقد قرأت بكثير من الاستغراب رد السفير السابق محمد الأمين ولد يحي على ما تضمنته الحلقة الثانية من حلقاتي في برنامج (ضيف وحوار) ، الذي تبثه قناة شنقيط ويقدمه الصحفي عبد المجيد ولد إبراهيم ، والتي بثت بتاريخ 16/ 02/ 2016م ، خاصة المقطع منها المتعلق بقضية بيع سكن ومكاتب السفارة الواقعة بشارع المهندسين بالقاهرة ، وشراء سكن للسفير ، ومقر لمكاتب السفارة بالقاهرة كذلك ، حيث شمل الرد المذكور قذفا صريحا ، وعبارات غير لائقة لا بمقام السفير محمد الأمين ولد يحي ، ولا بمن قصد .
وإحقاقا للحق وامتثالا للآية الكريمة المستفتح بها ، واحتراما للرأي العام ، وحقه في الاطلاع على التصرف في ممتلكات الشعب ، وانتصارا للصحافة التي تم رميها بما لا تستحق ، فإنني أود أن أبدي الملاحظات التالية على الرد المذكور، راجيا من كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، والمقروءة نشرها ، وخاصة منها المواقع التي نشرت رد السفير رغم أن الكثير منها لم ينشر أصلا “الفيديو ” الذي وصفه السفير بالمسيء ، مع ملاحظة أنني لن أهدد بالمقاضاة أي وسيلة إعلام ، سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة لم تنشر هذا الرد ، احتراما مني للرأي العام وللزملاء الصحفيين .
1 ــ أود أن أشير بادئ ذي بدء إلى أنني لم أكن أنوي الخوض في موضوع عملية بيع وشراء مقر السفارة ، وسكن السفير في القاهرة القديم ولا الجديد ، لو لم يورد السفير محمد الأمين ولد يحي الآية التي استهل بها رده ، والتي لم يوضح من يقصد بها .
2 ــ أن “الفيديو” الذي أشار إليه السفير لم ترد فيه أية إساءة له ، ولم يتعرض له إلا بالقول إنه من باع مقر وسكن السفير بالقاهرة ، وهو الأمر الذي اعترف به السفير محمد الأمين ولد يحي ، وأكدته الوثائق التي نشرها ، والتي لم يترجمها إلى لغة “الرد ” .
3 ــ أن الوثائق التي نشر السفير محمد الأمين ولد يحي مرفقة مع رده كانت عبارة عن :
ــ رسالة من وزير المالية السيد كان الشيخ محمد فاضل بتاريخ 11/ سبتمبر 1992م ، موجهة إلى وزير الخارجية والتعاون ، تتضمن ما ترجمته موافقة وزير المالية على استنتاجات تقرير اللجنة الفنية المتعلق ببيع مقر السفارة ، وسكن السفير بالقاهرة ، وشراء مباني جديدة لفائدة تمثيليتنا الدبلوماسية بمصر .
ــ تقرير اللجنة الفنية التي أرسلت إلى القاهرة لتقديم تقرير حول بيع وشراء البنايات المذكورة في رسالة وزير المالية السابقة ، وهو التقرير المحرر بتاريخ 26/ أغسطس 1992م والموقع من أعضاء اللجنة :
السيد با أودو عبدول : مفتش عام المالية .
السيد سيدي محمد ولد محمد سالم رئيس مصلحة المباني بوزارة التجهيز والنقل .
مع التنبيه إلى أن التقرير أشار في نهايته إلى أن محضر اجتماع اللجنة مع السفير بتاريخ 20/ أغسطس 1992/ مرفق بالتقرير وهي الوثيقة التي لم ينشرها السفير !!! (انظر الصفحة الأخيرة من التقرير)
ــ رسالة إلى مدير الميزانية والحسابات مؤرخة بـ 1 فبراير 1993م يشعر وزير المالية من خلالها مدير الميزانية بتحويل مبلغ 18876635.70أوقية إلى البنك المركزي ، مرسلة من السفارة بالقاهرة .
4 ــ أن الوثائق التي نشر السفير محمد الامين ولد يحي “دعما ” لموقفه أكدت ما قيل في “الفيديو” بخصوص بيع وشراء مباني السفارة القديم منها والجديد من طرف السفير محمد الأمين ، بل وكشفت أن الصورة السوداء التي قدمها لنا السفير عن مقر السفارة الذي تم بيعه لم تكن دقيقة ، لأن تقرير اللجنة الذي استشهد به ، والمحرر بتاريخ 26/ أغسطس 1992م وصف هذا المقر بأنه مقبول (انظر الفقرة 3 من الصفحة 2 من تقرير اللجنة الفنية ) ، ثم خلص التقرير إلى ما ترجمته أنه “قد يكون من الملائم بيع المقر المذكور ” ، ومعروف ما تعنيه “قد ” في اللغة العربية .
5 ــ كرر السفير محمد الأمين ولد يحي في رده أن الدولة هي من باعت واشترت ، لكنه نسي أنه هو من يمثل الدولة ،وهو من باع واشترى استنادا إلى الوثائق التي نشر .
6 ــ قال السفير محمد الأمين ولد يحي في رده إن البيع جاء بقرار من لجنة مكلفة بالموضوع ، لكنه لم يذكر أن هذه اللجنة اتصلت به فور وصولها القاهرة ، وقدم لها عرضا عن الجهود التي قام بها بشأن بيع المقر الجديد وشراء مباني جديدة (انظر الفقرة 3، من الصفحة 1 ، من تقرير اللجنة ) ، وفي أعقاب هذا اللقاء ذكرت اللجنة في تقريرها ما ترجمته (… وفي نهاية هذا اللقاء فقد قررنا معا برنامج اللجنة …) .
7 ــ أن اللجنة حين وصلت إلى الثمن الذي هو صلب عملية البيع ، قالت ما ترجمته “وفي ما يخص الثمن فقد أصر الملاك على الثمن الذي اتفقوا مع السفير عليه سابقا ” ، فكيف تم هذا الاتفاق ، وفي أي ظرف ، وهل فتحت له مناقصة ، كل هذا لم يكلف السفير محمد الأمين ولد يحي نفسه عناء توضيحه للرأي العام ، كما لم تسعفنا الوثائق المنشورة بما يمكننا من معرفته .
8 ــ أن السفير محمد الأمين ولد يحي لم ينشر لنا عقدي بيع وشراء المباني موقعين من طرف مسؤول غيره ، لكي يثبت أنه ليس هو من باع واشترى باسم الدولة .
9 ـــ لقد تناقض رد السفير مع ما تظهره الوثائق المنشورة ، فأيهما نصدق : السفير الذي قال في رده إن بناية السفارة القديمة اشتريت سنة 1970م ، أم تقرير اللجنة الذي نص على أن نفس البناية بنيت سنة 1967م أي قبل ثلاث سنوات فقط من بناء “الفيلا ” المشتراة للمقر الجديد ، والتي بنيت سنة 1970م بحسب الوثائق ، لكن المؤكد أن السفير باع مقرا يحتاج للتأهيل واشترى مقرين آخرين يحتاج أحدهما للتأهيل والآخر للإكمال .
10 ــ أن بيع مقر السفارة القديم الذي وصفته اللجنة الفنية بالمقبول ، مع مساحته التي تزيد على الألف متر مربع ، في حي المهندسين ، المعروف بأنه من أرقى ، إن لم يكن أرقى حي سكني بالقاهرة ، وشراء مقرين جديدين لا تبلغ مساحتهما مجتمعين ألف متر مربع ، في حي الدقي يمكن اعتباره على الأقل عملية غير مربحة للدولة الموريتانية .
11 ــ أن الوثائق المنشورة كشفت أن السفير خرق توصيات اللجنة دون توضيح مبررات خرقه ، فحول “الفيلا ” التي أوصت اللجنة أن تكون مقر مكاتب السفارة إلى مقر لسكن السفير، بينما جعل الشقتين مقرا لمكاتب السفارة ، وهو خرق ما كان لنا أن نطلع عليه لولا وثائق السفير الذي لم ينشر ضمنها ما يثبت الإذن له بهذا الخرق .
12 ــ لقد أوصت اللجنة بتأهيل وإكمال المباني التي اشتريت ، لكن السفير لم ينشر وثائق تتحدث عن مصير هذه التوصية ، هل نفذت أم لا .
13 ــ أنه وبعد كل هذا يجدر التأكيد أن “الفيديو” الذي استاء منه السفير محمد الأمين ولد يحي لم يتعرض لأي نقطة من النقاط التي تحدثت عنها الوثائق التي نشرها السفير ، كما لم يتحدث “الفيديو ” عن الظروف التي تمت فيها عملية البيع والشراء المذكورة أعلاه ، ولا عن كيفية صرف الأموال المتحصل عليها من عملية البيع ، ولم ينف جواز بيع ممتلكات الدولة إذا احترمت المسطرة القانونية المنصوص عليها في هذا المجال .
وعلى كل حال فإنني لم أجد في “الفيديو” ما يبرر غضب السفير ، ما دام هو من اقترح وباع واشترى ممتلكات الدولة المذكورة أعلاه ــ حسب الوثائق المنشورة ــ.
كما أن “الفيديو ” الذي وصفه السفير بــ”المسيء” لم يكن أكثر إساءة من الوثائق التي نشر ، فما قاله “الفيديو ” اعترف به السفير محمد الأمين ولد يحي في رده ، وعضدته الوثائق التي نشر ، فما دوافع الغضب إذن من الإجابة على سؤال مشروع عن من باع السفارة في القاهرة ؟ والذي قيل فيه بأن السفير محمد الأمين ولد يحي هو من باع السفارة لا أقل ولا أكثر .
وما أريد أن أقوله في نهاية ردي على “الرد ” هو أنه ينبغي أن يعرف كل من تحمل مسؤولية عامة ، سواء كان وزيرا أو سفيرا أو مديرا أو واليا ..إلخ ، أنه يمكن أن يساءل ويسأل عن المهمة التي كلف إليه ، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بيع أو شراء ملك من أملاك الدولة ، فمن حق الصحافة إذن أن تسأل ، ومن حق الرأي العام أن يعرف ، ومن واجب المسؤول أن يرد بكل أدب ، وأن لا يقشعر جلده من سؤال حول أدائه للمهمة الموكلة إليه ، لأن الرأي العام لا يمكن أن يفهم انزعاج أي مسؤول من سؤال أو جواب من هذا القبيل .
أما تحول السفير صاحب الحكم الذي استهل به رده إلى قاض يحكم كيف ما أراد ، وضد من أراد ، فردي على ذلك هو أن شروط القاضي العالم العادل ، الورع ، الذي يمكن أن ينصت إليه في مجال الحكم بالفسق ، قد لا تتوفر إلا في من حباه الله بهذه الصفات النادر توفرها ، في أي كان .
المحامي والسفير الشيخ ولد باها
نواكشوط بتاريخ 03/ 03/ 2016م

زر الذهاب إلى الأعلى